ابعاد النمذجة / مسار انتاج النماذج

 

DU

للاطلاع على هذا المقال في شكل فيديو اليك الرابط التالي على يوتوب : 

https://www.youtube.com/watch?v=tU79vsTtaDU

 لما لا ننمذج مسألة النمذجة ضمن تصور نموضعه في شكل رسم يوضّح لنا مسار النمذجة او مسار انتاج النماذج ؟
ماهو مسار النمذجة ؟


السند : شروط صلاحية النموذج ل رينيه توم .


1 منطلقات العقلانية العلمية :

ان العقلانية العلمية بمختلف فروعها وقطاعاتها تفكر من خلال النمذجة ذلك ما ذهب بفاليري إلى القول "إننا لا نفكر إلا من خلال النماذج " .

العقلانية العلمية في البراديغم المعاصر هي عقلانية تزاوج وتجمع بين العقل والحواس والخيال فكاننا بالنموذج عجينة رهيبة من العقلانية والتجريبية والتخيل وبالتالي مثلت بذلك تجاوزا للصراع الذي كان دائرا بين الأطروحة العقلانية التي كانت تؤكد على قدرة العقل على بناء المعرفة العلمية انطلاقا من مبادئه الخاصة دون حاجة الى التجربة والحواس والأطروحة التجريبية التي ترى ان العقل يولد صفحة بيضاء ولا يوجد فيه سوى ما تخطه فيه التجربة عبر الحواس ويمثل الأطروحة التجريبية في العصر الحديث التيار الوضعي او البراديغم الوضعي الذي يعتبر الفيزياء النيوتنية كمرجع يجب ان يحتذي به العلم الذي يقر ب:

العلم تجريبي تبني فيه المعرفة انطلاقا من الملاحظة والتجربة فالحادثة التجريبية توحي بالفكرة كما أكد ذلك كلود برنار .

يسلم الاتجاه الوضعي بأن نظام الأشياء مطابق لنظام الأفكار وأن المعرفة العلمية هي اكتشاف للنظام اللامرئي الذي يقف وراء الفوضى المرئية الملاحظة للظواهر .

التسليم بأن معيار صدق النظريات العلمية هو مدى تطابقها مع الواقع فالاختبار التجريبي  للنظرية العلمية هو مرجع صلاحية هذه النظرية .

الالتزام بالموضوعية كشرط من شروط علمية كل علم وتعني الموضوعية في العلم الفصل الجذري بين الذات والموضوع أي استبعاد غايات الذات و معتقداتها وبالتالي استبعاد الغائية من العلم بحجة الموضوعية .

ان منطلق العقلانية العلمية واليات اشتغالها وتركيبتها تختلف جذريا عن نمط المعرفة العلمية التي كانت سائدة زمن البراد يغم الوضعي وهو اختلاف بين المعرفة الموضوع والمعرفة المشروع فكيف يمكن ان نفهم ذلك ؟

ان منطلق العقلانية العلمية المعتمدة على النمذجة حسب رينيه توم الاشكاليات والمشاكل التي يطرحها السياق المزمع نمذجته  وذلك بـ :

ضبط الظاهرة المدروسة وصياغة المشكل الذي تثيره عن طريق :

تحديد معالم الظاهرة المدروسة بدقة باعتبارها نسقا مركبا من عدة عوامل ثابتة وأخرى متغيرة والعلاقات التي تربط بينها .

رصد مستويات التركيب والتعقيد التي تحكمها وتسكنها والانتهاء الى صياغة الإشكاليات والمشاكل التي تثيرها وهي على نوعين :

1 مشكلات نظرية : مثل تعارضها مع النظريات السابقة وعدم انسجامها مع التوقعات السائدة والمعتمدة وعدم تماشيها مع الاليات العلمية المعتمدة كذلك نظرا لخصوصية الظاهرة المدروسة ( مثال عجز الفيزياء النيوتنية او الماكروفيزياء عن استيعاب وتفسير ظواهر الميكروفيزياء ).

2 مشكلات عملية : تتعلق بتعارضها مع احتياجات ومطالب الحياة العملية للإنسان سواء في تعلقه بالطبيعة او بالانسان وبالنسق الذي يدرسه .

استخلاص : ان العقلانية العلمية التي تعتمد النمذجة تختلف منطلقاتها عن منطلقات البراديغم الوضعي حيث لم يعد منطلقها الواقع الموضوعي الخارجي الخام بل هو المشكلات والإشكاليات التي يطرحها الواقع المعقد والمركب على العالم والانسان وهي مشكلات تعكس تعارض بين مستطاع العلم الحالي انتظارات الإنسان من وراء هذه المعرفة العلمية معرفيا وعمليا ذلك يعني ان للنمذجة المعتمدة في العقلانية العلمية أبعاد مختلفة فماهي هذه الأبعاد ؟

2 أبعاد النمذجة : ابعاد النمذجة هي عبارة عن لحظات او مجهودات يقوم بها المنمذج لحل الإشكاليات التي انطلق منها وهي ثلاثة ابعاد متداخلة لا يمكن الفصل بينها إلا لغايات تعليمية وهي :

أ البعد التركيبي :وهي اللحظة التي يشرع فيها المنمذج عن بحث للإشكاليات التي انطلق منها عن طريق بناء تصميم مادي او رقمي او رمزي معبر عنه بلغة عادية او رمزية او رقمية للظاهرة المشكل بمعني بناء نموذج تمثيلي تبسيطي للظاهرة المدروسة تجري في إطاره الدراسة والبحث والتعديلات والقياسات لغاية حل الإشكال الذي يثيره . لكن ذلك يستوجب جملة من الشروط فماهي الشروط التي يستوجبها بناء نموذج تمثيلي لظاهرة مشكل ؟

ان بناء نموذج تمثيلي لظاهرة مشكل يستوجب الالتزام بجملة من الشروط هي شروط البعد التركيبي للنموذج وتتمثل في :

الانطلاق من جملة من المفاهيم والمسلمات والأفكار الأولية الواضحة حول الظاهرة المشكل والتعبير عنها بلغة رياضية او عادية او في شكل رسوم بيانية .

صياغة بعض التصورات والفرضيات او الأكسيومات التي تمثل أوليات البحث البينة الوضوح ومنطلقاته واستنتاج جملة من النتائج اعتمادا عليها شرط ان لاتكون متناقضة منطقيا وصوريا في مابينها اعتمادا على المنهج الفرضي الاستنتاجي المعتمد في الرياضيات .    4

وضع جملة من القواعد الصورية هي بمثابة الخيط الناظم الذي يحمي البناء الصوري من التناقض بين الأوليات والنتائج التي يتوصل إليها ضمن بناء او نسق أكسيومي مصورن متكون من أوليات ونتائج تربطها علاقات منطقية صارمة معبر عنه بلغة رياضية رمزية في شكل متغيرات وثوابت وتكون صلاحيتها صورية لا بارتباطها او إحالتها على المعطيات الحسية التي تنتمي الى النسق المنمذج .

الصورنة بذلك هي افراغ المتغيرات داخل البناء الأكسيومي من مرجع واقعي حسي والاهتمام فقط الى العلاقات والروابط المنطقية التي تحكم وتربط الاوليات بالنتائج .لكن الصورنة لا تختزل في الترييض أي استعمال اللغة الرياضية او المنهج الرياضي في بناء النموذج بل تتعدى ذلك نحو اشكال أخرى .

نتيجة : ان عقلنة الانساق والظواهر اعتمادا على النمذجة يستوجب جهدا تركيبيا يشترط الترييض والصورنة والأكسمة لغاية تنظيم العقل العلمي واضفاء التماسك والانسجام على أدائه ومن أجل تخليص لغة العلم من كل لبس وغموض . لكن رغم أهمية هذا الجهد التركيبي لبناء النماذج الا أنه لا يكفي لحل الاشكاليات المنطلق منها وانما هو مجرد خطوة تليها خطوات أخرى .

ب البعد الدلالي أو لحظة التفعيل الدلالي للنموذج المبني :

ان النموذج هو انشاء او بناء فكري في شكل نظام علامات لين يمكن من الاعتبار والعودة الى مختلف الادراكات التي لدينا عندما نريد وصف ظاهرة ملاحظة او متخيلة بغية تأويلها ذهنيا كما تقتضي كذلك النمذجة أن تكون الصورنة أي الرموز قابلة للتحقق واقعيا عبر المرور من من ماهو محسوس الى المعقول والعودة التأويلية من المعقول الى المحسوس او العيني .

ان النمذجة ترتبط بنسق واقعي معين وفي علاقة وثيقة به ومرتبطة بكل محددات هذا النسق زمانيا ومكانيا ,ذلك ان الذات المنمذجة التي تتعامل عبر الحواس مع الواقع تنطلق من خلاله نحو اقامة تصورات تبسيطية اختزالية رمزية ذهنية او مادية متماسكة للنسق الواقعي او المادي ذلك ما يبين ان النموذج لا يكتسب قيمته في ذاته وانما في علاقة وثيقة بالنسق المرجعي الذي يحيل اليه لذلك فكل نمذجة هي نمذجة نسقية .

يؤكد رينيه توم ان المنمذج اثر بناءه وصياغته نظريا او ماديا يمر الفكر الى مرحلة تفعيل النموذج دلاليا أي النظر في صلاحية النموذج ومدى انطباقه مع الوقائع المنمذجة وتلاؤمه معها .

ان التفعيل الدلالي للنموذج والتثبت من صلاحيته وصدق الحلول التي يقدمها للظواهر والاشكاليات التي ينطلق منها المنمذج تشترط نوعين من التبريرات أي الاختبارات التقييمية للنموذج المبني وهي :

تبرير ماقبلي :من خلاله يتم النظر في الصلاحية المنطقية البنيوية والنظرية للنموذج وذلك بــ:

النظر في مدى تماسك نظريات النموذج ونتائجه أي التثبت في البنية الصورية المنطقية للنموذج والتأكد من عدم تناقض البناء الاكسيومي الفرضي الاستنتاجي أي عدم التناقض بين الفرضيات والنتائج المكونة للنموذج .

النظر في مدى توفر النموذج على الفرضيات والمسلمات الضرورية لتفسير الظاهرة او النسق المنمذج أي التثبت من مدى كفايته.

التبرير الماقبلي للنموذج يتم تحليليا عن طريق اجراءات منطقية تبني على التسليم بأن النموذج يتماثل بنيويا مع الظاهرة المدروسة بما أنه تمثيل اختزالي لها وهو الاساس المنطقي الذي تبني عليه الصلاحية المنطقية الصورية للنموذج .

تبرير ما بعدي :وهو عبارة عن اختبار للصلاحية التجريبية للنموذج عن طريق مواجهة التفسير الذي يقدمه النموذج بمعطيات التجربة أي القيام بتجارب ضرورية للتثبت من كفاءة الكفاءة التفسيرية للنموذج ومن مدى ملائمته للواقع .

يرى رينيه توم ان التجريب العلمي يواجه العديد من الصعوبات اليوم لعل اهمها :

كلفة التجارب اذ بقدر ما يكون الموضوع مركبا وحساسا تكون التجربة المخبرية باهظة الكلفة  اضافة الى ان بعض المواضيع لا يمكن التجريب عليها مثل علوم المادة كالظواهر النووية الذرية التي تستوجب تقنيات عالية للتجريب اضافة الى الاضرار التي يمكن ان تتسبب فيها على جميع الاصعدة ,كذلك حينما يتعلق الامر بالظواهر الانسانية التي يمكن ان يثير التجريب عليها احترازات أخلاقية وقانونية لما يمثله التجريب على الإنسان من تشييء للإنسان واهانة له .اذن فما هي الحلول الملائمة لتجاوز صعوبات التجريب ألمخبري ؟

ان صعوبة التجريب المخبري قد يؤدي بالعلم الى التأكد من الصلاحية الصورية البنوية للنموذج فقط لكن ذلك سيؤدي الى جعل العلم يتسم بطابع صوري او اللجوء الى التجريب رغم كلفته الباهظة وذلك ما يمثل خطرا وفي كلتا الحالتين ننتهي الى ما سماه رينية توم بعقم الفكر العلمي وهو ليس عقما بنيويا في الفكر العلمي بل هو عقم ناتج عن تمسك العقلانية العلمية باجراءات تقليدية في العلم فكيف السبيل للخروج من هذا المأزق ؟

ان الحل حسب رينيه توم تقدمه النمذجة كذلك شرط ان يغير العلم من فهمه لطبيعة التجربة في العلم فبدل القيام ببناء نماذج تمثيلية جيدة للوقائع وباهظة الثمن يمكن الاكتفاء بانشاء نماذج تمثيلية عن الوقائع أقل جودة وأكثر غرابة ومرونة وتعبيرا عن الخيال العلمي شأن النماذج الرقمية عن طريق الحاسوب لأن النمذجة تتغذى من الخيال وتفعله عقلانيا لانتاج المعرفة وتجاوز الصعوبات وحل الاشكاليات .

ان هذا الاجراء نمر من خلاله في العلم من مفهوم تقليدي للتجربة أي التجربة المخبرية المكلفة والخطيرة نحو التجريب الافتراضي عن طريق الحاسوب الذي يسمح بالمعالجة الرقمية للنماذج والانساق المتعلقة بها ولمكونات النموذج كذلك وهو على حد عبارة رينيه توم " تجريب لا يكلف شيء ".

استخلاص :ان العلم في بحثه عن حلول للاشكاليات التي انطلق منها لا يقتصر على بناء نموذج واحد للنسق الذي يعالجه ولا على توظيف نوع واحد من النماذج (نموذج نظري , نموذج مادي او نموذج رقمي ) بل يقتضي البحث تنويع النماذج ذلك ما يتطلب تعاونا وتواصلا بين الاختصاصات العلمية والجماعات العلمية كما يتطلب قدرة المنمذج على تعديل نماذجه واستبدالها عن طريق تصحيحها انطلاقا من نقدها إضافة الى إمكانية استعارة نماذج الاختصاصات العلمية الأخرى وبالتالي القول بتقاطع الاختصاصات العلمية المعتمدة على النمذجة .

يكشف الجهد الدلالي للنمذجة على المعرفة العلمية ليست كشفا عن القوانين اللامرئية التي تحكم وتسير الظواهر المرئية بل هي فعل بناء للوقائع واختراع للنظريات الامر الذي يؤكد ان عقلانية العلم المعاصر هي عقلانية بنائية تراوح بين الواقع والخيال وبين التجريب والتجريد وبين النظري والتطبيقي بين العيني والافتراضي .                                                                                     

ج البعد التداولي او لحظة الاستثمار النفعي البراغماتي للنموذج :                       

يتمحور البعد التداولي النفعي للنموذج حول السؤال التالي : لماذا ننتج النماذج ؟ لذلك وفي اطار هذا البعد نتحرك في اطار الاستثمار النفعي البراغماتي للنماذج وفي اطار فعاليتها , فالنمذجة كأجراء يقوم به العقل العلمي هو اجراء هادف أي في علاقة بأهداف وغايات محددة من قبل الجماعة العلمية التي تقوم بالنمذجة .

على اثر بناء النماذج والتحقق من صلاحيتها الصورية النظرية والتجريبية يمر المنمذج الى استثمار النماذج التي انتجها واستثمار النماذج متعدد بتعدد الغايات والأهداف الأمر الذي يجعل من للنموذج عدة وظائف براغماتية تداولية استعماليه مثل  :

استثمار معرفي فالنتائج النهائية التي يؤكدها النموذج تمكن من صياغة الحلول للاشكاليات المنطلق منها وتقديم تفسيرات مقنعة للظاهرة المشكل , فالعقل العلمي يتوسل بالنماذج لغاية تفسير الظواهر المركبة وفهمه اذ يوفر النموذج تمثلا مطابقا لنسق واقعي موجود عبر ابراز خصائصه ضمن نموذج تفسيري كما يمكن ان يقوم النموذج انطلاقا من المعرفة التي يقدمها لنسق ما في وضعية ما من استنتاج تصرفه في وضعيات جديدة تحت تأثيرات اخرى لم يجرى ملاحظتها بعد وبالتالي تمكننا النمذجة بواسطة نموذج اصطناعي من توقع مستقبل النسق المنمذج .

للنموذج وظيفة تساعدنا على اتخاذ القرارات  يقول فوراستار " نتخذ كل قراراتنا انطلاقا من النماذج " اذا يوفر النموذج لصاحب القرار المعلومات التي تسمح له باتخاذ قرار يسمح بتغيير النسق والتدخل فيه  فالنموذج من هذا المنظور يمكن صاحب القرار في نسق ما من معلومات ومعارف تمكنه من تجاوز إشكاليات ذلك النسق  وتعديله .

يمكن استثمار النماذج عمليا كذلك في مجال التقنية على اعتبار ان العقلانية العلمية هي عقلانية مطبقة تنشد المعرفة والنجاعة  تجمع بين التنظير والتطبيق فاذا كان هدف النمذجة العلمية حسب بودريار في بعديها التركيبي والتداولي انتاج نماذج تفسيرية استكشافية مجردة لغاية الفهم والتفسير عبر الانتقال من الحسي المركب الى المجرد البسيط فان هدفها في بعدها النفعي البراغماتي هو نقل النماذج المجردة الى منتجات صناعية متماشية مع انتظارات ومطالب الإنسان واحتياجاته وأهدافه .

يقول  لوموانييو "الحقيقة هي الفعل " لذلك فالرهان الاقصي للعقلانية العلمية المعتمدة على النمذجة هو اضافة الى المعرفة تحقيق النجاعة أي السيطرة على الظواهر والفعل فيها لتحقيق مصالح انسانية فالعلم في اطار ابستيمولوجيا النمذجة ليس مجرد معرفة للمعرفة بطريق موضوعية وبمعزل عن الغايات والأهداف النفعية وانما هو معرفة تطبيقية تنشد النجاعة والتحكم العقلاني والتقني في الظواهر والأنساق المنمذجة واتخاذ القرارات بشأنها .

ان البعد التداولي للنموذج يتطلب العديد من المعايير التداولية لعل اهمها :

الشفافية أي ان يكون النموذج قابلا للفهم من قبل عدد كبير من الناس .

الصلابة أي القدرة على تقديم نتائج صارمة لا تنحرف كثيرا على الواقعة والنسق المنمذج الواقعي .

الطواعية والليونة أي ان يكون على درجة كافية من البساطة حتى لا يؤدي هو بدوره الى صعوبات نظرية وعملية وكذلك ان يكون النموذج لينا أي ان يكون مؤهل لقبول التغيرات السريعة التي تطرأ على النسق ليكون قادرا على تفسير النسق في كليته ومتغيراته وفي كل احواله .

التقييم : استخلاص عام :

يمر مسار النمذجة ب :

الانطلاق من وضعية مشكل أي من صعوبة نظرية او عملية تواجه العقل العلمي يسعي إلى حلها عن طريق بناء نماذج استكشافية تحدد معالم الوضعية المشكل ومستويات تعقيدها وتركيبها وطرح الأسئلة التي تثيرها لغاية الإجابة عليها وتجاوزها عبر حلها  عن طريق النمذجة , فينطلق المنمذج لذلك من لحظة بناء النموذج ضمن بعد او جهد تركيبي عن طريق الترييض والصورنة والأكسمة لينتج نموذج أكسيومي أو شبه أكسيومي يقوم من خلاله بالاستدلال والقيس والحساب والمقارنة والتجريب ليبني بذلك نموذجا تفسيريا تقيم صلاحيته الصورية النظرية والتجريبية  ضمن جهد او بعد ثان وهو الجهد الدلالي فيتثبت من تماسكه المنطقي وخلوه من التناقض والالتزام بالصرامة المنطقية والتثبت من كفايته وصلاحيته التجريبية عبر تأويله تجريبيا وتطبيقه على نسق واقعي لغاية النظر في ملائمته له وبالتالي إمكانية حصوله على نموذج نهائي هو النموذج النظرية الذي يتم استثماره تداوليا في نطاق تمكينه من السيطرة المعرفية على الوضعية المدروسة او النسق المنمذج والتحكم العملي كذلك لتحقيق مصالح الإنسان واحتياجاته .

---- ان هذه المراحل او هذه المجهودات والأبعاد هي المراحل الضرورية لكل فعل نمذجة مهما اختلف السياق الذي ينتمي اليه سواء كان في مجال العلو الصورية او التجريبية او الانسانية .

ان العقلانية العلمية المعتمدة على النمذجة مكنتنا من تجاوز التقليد العلمي الوضعي الذي كان سائدا على جميع الاصعدة خاصة من ناحية منطلقات العلم واليات اشتغاله ومن ناحية ارتباطه بنظام الغايات بعدما كانت مقصية بحجة الموضوعية مع البراديغم الوضعي  ذلك ان العلوم الحديثة مثل النسقية وعلوم القرار والتنظيم التي تطورت منذ ظهور" السيبرنيطيقا" أي علم التوجيه تقتضي تفكيرا ابستيمولوجيا يراجع البراديغم الوضعي اذ لا تتحدد هذه العلوم بمواضيعها التي يمكن ملاحظتها بل بمشاريعها المعرفية والعملية فانتقلنا بذلك من المعرفة الموضوع في اتجاه المعرفة المشروع حسب لوموانييو .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الموضوع : " ان النمذجة العلمية لم تغير من نظرتنا للواقع فحسب بل غيرت نظرتنا للعقل والحقيقة كذلك" ما رايك؟

النجاعة والعدالة .في العمل

ان الاختلاف لا يهددني وانما يثريني . ما رأيك؟